حين يقام منزل فاخر فجأة بجوار كوخ في قرية تدب الغيرة في نفوس من يسكنون الكوخ ويسعون لفعل الشيء الذي فعله من حَوَلوا كوخهم الى فيلا أو منزل فاخر.
وشيد شبان مصريون ألوف الفلل والمنازل الفاخرة في قرى بمصر في السنوات الماضية بعد أن أمكنهم الهجرة بشكل غير مشروع الى دول أوروبية استقروا وعملوا فيها وأرسلوا ألوف الدولارات الى ذويهم.
ولاقى مئات الشبان المصريين حتفهم في عرض البحر أو في الصحاري في رحلات الهجرة غير الشرعية وألقى القبض على ألوف غيرهم وحوكم البعض منهم وسجنوا في الدول التي هاجروا اليها أو أعيدوا الى بلادهم مرحلين منها أو من الدول التي اختاروها كمحطات على الطريق.
لكن حلم الثراء السريع الذي تفجر في قرى استقر بعض أبنائها في دول أوروبية ما زال يغري ألوف الشبان المصريين بالاتجاه غربا برغم المخاطر التي يتعرضون لها وتتسبب في وفاة كثيرين أثناء رحلات الهجرة غير الشرعية.
وتُعرف قرية ميت الكرما بمحافظة الدقهلية شمالي القاهرة بأن أبناءها يسافرون الى ايطاليا.
وقال ياسر الحداد (30 عاما) أحد أبناء القرية لرويترز "كان لي أصدقاء سافروا عن طريق مهرب. وعندما شاهدت الثراء الذي ظهر على أسرهم بعد وصولهم الى ايطاليا قررت السفر باتفاق مع نفس المهرب."
وقال الحداد انه دفع 28 ألف جنيه (5200 دولار) للمهرب.
لكن الشرطة في بلغاريا احدى محطات الرحلة ألقت القبض على الحداد بعد أن ظل في انتظار مندوب المُهرب في الشارع لمدة عشرة أيام. وقُدم للمحاكمة ومنح مهلة ثلاثة أيام لمغادرة البلاد لكن مندوب المُهرب جاء بعدها واصطحبه الى حدود اليونان.
ويقول الحداد "كان معي 11 مصريا من قرى أخرى. سار بنا مندوب آخر للمهرب في الصحراء في اليونان لمدة ثلاثة أيام مات خلالها ثلاثة منا."
ومضى يقول "مندوب المهرب لم يلتفت الى الثلاثة وهم يسقطون من الإعياء واحدا بعد الآخر ويموتون."
ويقول الحداد ان الشرطة حاصرتهم بعد وصولهم الى أول مزرعة في اليونان وأجبرتهم على السفر الى تركيا وهناك تمكنت الشرطة من القبض عليهم أيضا برغم اختبائهم في المقابر.
وأضاف أنه وصل الى ايطاليا بعد رحلة عذاب استمرت ثمانية أشهر ظلت أسرته خلالها تستدين وتسلم المُهرب أموالا إضافية.
وتابع "لكن ضاع العذاب مع أول مبلغ تقاضيته وبنيت بيتا من خمسة طوابق واشتريت قطعة أرض كبيرة بعد ثلاث سنوات من الغربة لكن اضطررت للعودة لمرض زوجتي."
ويسافر أبناء قرية بساط كريم الدين بمحافظة الدقهلية في الغالب الى اليونان.
ويقول السكان ان ثمن فدان الأرض في القرية ارتفع خلال سنوات من 80 ألف جنيه الى مليون ونصف مليون جنيه بسبب تحويلات أبناء القرية من المهاجرين غير الشرعيين.
وفي القرية يظهر التفاوت صارخا بين الفلل والمنازل الفاخرة التي بناها من هاجروا بشكل غير شرعي الى أوروبا والأكواخ التي يقيم فيها فقراء لم يتيسر لأبنائهم بعد السفر الى دولة أوروبية.
لكن محاولات الهجرة غير الشرعية لا تتوقف.
وفقدت قرية بساط كريم الدين عشرات من أبنائها في رحلات الهجرة غير الشرعية منهم 16 ماتوا غرقا. وما زال 16 من أبناء القرية في عداد المفقودين بعد رحلة هجرة غير شرعية لا يعرف مصيرها.
ومن بين الضحايا أشقاء لكن بعض أسرهم ما زالت تصر على إرسال من بقي من الأبناء في نفس الرحلات.
ويقول عماد منصور فؤاد الباشا (19 عاما) أحد أبناء القرية لرويترز "العائد في نظرنا أكبر من الموت."
وقال مسؤول في منظمة الهجرة الدولية في طرابلس بليبيا ان مركبا يقل 150 مهاجرا غرق في السابع من يونيو حزيران الحالي أمام الساحل الليبي وان السلطات الليبية انتشلت 23 جثة. وتقول المصادر الامنية المصرية ان 51 مصريا كانوا على المركب نجا منهم اثنان.
وفي محافظة الفيوم جنوب غربي القاهرة امتلأت قرية تطون التي يهاجر أبناؤها الى ايطاليا في الغالب بالمنازل الفاخرة. وعلى خلاف الحال في معظم القرى المصرية توجد في تطون مكاتب لصرف العملات الأجنبية.
ويقول أحمد سعيد من أبناء القرية ان السكان لم يعودوا يزرعون الارض. ويضيف أن المال كثير "لانه ليس هناك تقريبا أسرة في القرية لم يسافر أحد أبنائها الى ايطاليا."
ويقول السكان ان مغالاة حدثت في المهور وقد تصل شبكة العروس الى ثلاثة كيلوجرامات ذهب.
وقال أحد السكان ان الطبيبة أو من تحمل مؤهلا جامعيا آخر يمكن أن توافق على زوج يحمل مؤهلا تعليميا أقل منها اذا كان من المهاجرين غير الشرعيين